الدَّولةُ البُوَيْهِيَّة أو دَوْلَةُ بَني بُوَيه (بِالفارسيَّة: دولت بویی أو شاهنشاهی بویی) هو الاسم الذي يُطلق على إحدى الدُويلات الإسلاميَّة التي قامت في ظل الدولة العبَّاسيَّة أواخر العصر العبَّاسي الثاني، وسُمِّيت نسبةً إلى بني بُويه، وهُم سُلالةٌ من الديالمة الشيعة، الذين هيمنوا على الخِلافة قُرابة مائةٍ وعشرين سنة (334 – 454هـ \ 934م – 1062م). أطلق المُستشرق الروسي ڤلاديمير مينورسكي على هذه الفترة تسمية «الدور الإيراني الوسيط» (بِالفارسيَّة: میاندورهٔ ایرانی أو میانپردهٔ ایرانی) مُعتبرًا أنَّ هذه المرحلة من التاريخ الإيراني الفاصلة ما بين الفتح الإسلامي لِفارس وقيام الدولة السلجوقيَّة، تُمثِّلُ استعادة الإيرانيين هيمنتهم على العراق وفارس،كما كان الحال قبل الإسلام.
ظهر بنو بُويه على مسرح الأحداث السياسيَّة في أوائل القرن الرابع الهجري، بعد أن هاجروا من بلاد الديلم المُجاورة لِبحر الخزر (قزوين)، وظهر أمرهم على يد إخوةٍ ثلاثة: عليّ والحسن وأحمد. فقد التحق عليٌّ، وهو أكبر إخوته، بِخدمة «مرداویج الزياري»، مُؤسس الدَّولة الزياريَّة الانفصاليَّة في طبرستان، فولَّاه مدينة كرج وأعمالها.
يبدو أنَّ عليًّا كانت تُراوده نزعات تتعدَّى الاستقلاليَّة إلى التوسُّع على حساب جيرانه بالإضافة إلى الطُمُوح السياسي الذي تحقَّق لهُ سريعًا، حيثُ ما لبث أن أصبح صاحب شوكة في هذه النواحي، واستمال الناس بِحُسن سياسته، وتمكَّن بِفضل قُدُراته العسكريَّة والإداريَّة، وكرمه، وحُسن مُعاملته لِأتباعه؛ من بناء جيشٍ قويّ، انتزع به مُعظم الديار الفارسيَّة خلال فترةٍ قصيرة. واتَّخذ مدينة شيراز قاعدةً لِحُكمه.
كان عليّ يستولي على بلاد فارس باسم الخليفة العبَّاسي ظاهرًا، لكن في باطن الأمر كان يهدف إلى إقامة دولة خاصَّة به مُستغلًا ضعف الخلافة السياسي والعسكري وعجزها عن التدخُّل في هذه المناطق لِترتيب أوضاعها.وعمل عليٌّ على كسب رضا مرداویج أيضًا، فعرض لهُ أن يكون ما بيديه من بلادٍ تابعةٍ له يُخطب له فيها، فرحَّب مرداویج بِهذا العرض، فقلَّده أرَّجان، وفي نفس الوقت أرسل إليه الخليفة العبَّاسي تقليدًا بِحُكم المناطق التي سيطر عليها. لكنَّ الخلافة سُرعان ما حاولت استعادة هيبتها، فأرسلت جيشًا بلغ مشارف فارس، لكنَّهُ رُدَّ على أعقابه، وثبَّت عليّ بن بُويه أقدامه في المنطقة، وأقام دولته فيها.
أوضاع الخلافة العبَّاسيَّة عشيَّة السيطرة البُويهيَّة
شكَّلت حادثة مقتل الخليفة المُتوكِّل على الله سنة 247هـ المُوافقة لِسنة 861م،على أيدي قادة جُنده الأتراك الذين اصطنعهم، شكَّلت بداية الانحطاط وانقسام الدولة العبَّاسيَّة كما يعتقد ابن خلدون.[فضعُفت الدولة بعد الاستفحال وتغلَّب على الخليفة فيها الأولياء والقرابة والمُصطنعون، وحدثت الفتن في بغداد، وصار العلويُّون والمُنتسبون إلى آل البيت إلى النواحي مُظهرين دعوتهم، فدعا أبو عبد الله الشيعي سنة 286هـ المُوافقة لِسنة 899م بِإفريقية في طاعة عُبيد الله المهدي، وظهر بِطبرستان الحسن بن زيد بن مُحمَّد المعروف بِالدَّاعي سنة 250هـ المُوافقة لِسنة 864م في خلافة المُستعين بالله وملكها.
وظهر باليمن الإمام القاسم الرسِّي وهو ابن إبراهيم طباطبا، فأظهر دعوة الزيديَّة وملك صعدة وصنعاء وغيرها من بلاد اليمن، ومَلَك بنو سامان بلاد ما وراء النهر آخر سنة 260هـ المُوافقة لِسنة 873م، وبدأت دولة بني الصفَّار في الظُهُور سنة 253هـ المُوافقة لِسنة 867م بعد استيلائه على سجستان وهراة من خُراسان،كما بدأ أمر صاحب الزَّنج سنة 255هـ المُوافق لِسنة 868م، وفي سنة 254هـ المُوافقة لِسنة 868م بدأ أمر أحمد بن طولون بِالظُهُور. وما كادت سنة 264هـ المُوافقة لِسنة 877م تغيب حتَّى مَلَك الشَّام إضافةَ إلى مصر.
وبدأ أمر القرامطة سنة 276هـ المُوافقة لِسنة 889م، وخلال عشر سنواتٍ عظُم أمرهم واشتدَّ في البحرين،أمَّا المغرب الأقصى والأندلُس فاقتطُعا عن الدولة العبَّاسيَّة مُنذُ زمنٍ بعيد.