أخبار العالم

ماكرون يلتقي مسيحيين فى مدينة الموصل العراقية

ماكرون يلتقي مسيحيين فى مدينة الموصل العراقية.

زار الرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون الأحد كنيسة الساعة في الموصل في شمال العراق معلناً من هناك نية فرنسا افتتاح قنصلية في المدينة التي دمرت بفعل المعارك ضد تنظيم الدولة، فيما من المقرر أن يتوجه إلى أربيل بعد ذلك.

والموصل هي المحطة الثانية في زيارته للعراق بهدف إظهار دعمه لمسيحيي الشرق، بعد بغداد حيث شارك في مؤتمر إقليمي تعهد على إثره بإبقاء قوات فرنسية في البلاد لمكافحة الإرهاب “طالما أراد العراقيون ذلك”.

وأرغم العديد من مسيحيي العراق، بفعل الحروب والنزاعات وتردي الأوضاع المعيشية، على الهجرة. ولم يبقَ في العراق اليوم سوى 400 ألف مسيحي من سكانه البالغ عددهم 40 مليوناً بعدما كان عددهم 1,5 مليون عام 2003 قبل الاجتياح الأميركي للعراق.

وفي كلمة من الكنيسة القديمة التي يرجح بعض المؤرخين أنها تعود لألف عام، حثّ ماكرون العراقيين إلى “العمل معاً”. وقال “نحن هنا للتعبير عن مدى أهمية الموصل وتقديم التقدير لكل الطوائف التي تشكل المجتمع العراقي”، مشيراً إلى أن “عملية إعادة الإعمار بطيئة، بطيئة جداً”.

لكنه أعلن عن نية فرنسا افتتاح مدارس في المدينة.

وكانت الموصل مركز محافظة نينوى مهد إحدى أقدم الطوائف المسيحية في العالم، تعتبر “عاصمة” تنظيم الدولة الإسلامية الذي احتل لأكثر من ثلاث سنوات مساحات واسعة من العراق.

ولا يزال الدمار واضحاً في سوق باب السراي التاريخي والمدينة القديمة، فيما تقول مصادر حكومية في تقديرات أن أكثر من ثمانين بالمئة من بناها التحتية وأبنيتها لا يزال مدمراً.

قال ماكرون الذي زار ليل الجمعة مرقد الإمام الكاظم في العاصمة بغداد “أمس كنت في مرقد شيعي، وسأرى الإيزيديين أيضاً… أعتقد أن المشاكل التي يواجهها العراقيون لا حل لها إلا بالعمل معاً”.

ويلتقي الرئيس الفرنسي في الموصل شخصيات “مؤثرة” وطلاباً، كما يزور موقع إعادة إعمار مسجد النوري السني الذي دمره التنظيم المتطرف. وتعمل منظمة الأمم المتحدة للتربية والثقافة والعلوم (يونيسكو) بتمويل من الإمارات العربية المتحدة يصل إلى خمسين مليون دولار على إعادة إعمار المسجد والكنيسة كجزء من مشروع “إحياء روح الموصل”.

وتأتي زيارة ماكرون إلى الموصل غداة مشاركته في مؤتمر ضمّ مصر والأردن وإيران وتركيا والإمارات والكويت والسعودية، طغى عليه بروز تنظيم الدولة الإسلامية الذي تمّ دحره في العراق في 2017 وفي سوريا في 2018 بدعم من تحالف دولي بقيادة أميركية، على الساحة في أفغانستان مع انسحاب القوات الأجنبية.

وأعلن ماكرون من بغداد “نعلم جميعاً أنه لا ينبغي التراخي لأن تنظيم الدولة الاسلامية لا يزال يشكل تهديداً، وأنا أعلم أن قتال تلك المجموعات الإرهابية يشكل أولوية لحكومتكم”.

ومن بلد يشهد توترات حادة وتبادل رسائل وتصفية حسابات بين قوى خارجية عدة على رأسها الولايات المتحدة وإيران، قال ماكرون في مؤتمره الصحافي الختامي، إن بلاده “ستبقي وجودا لها في العراق لمكافحة الإرهاب، طالما أراد العراق ذلك أيا كان خيار الأميركيين”، مؤكدا أنه “لدينا القدرات العملية لضمان هذا الوجود”.

وتقود الولايات المتحدة تحالفاً دولياً في العراق لمكافحة تنظيم الدولة الاسلامية، ويبلغ عدد عسكرييها 2500، لكنها أعلنت قبل نحو شهر عن نيتها إنهاء “مهمتها القتالية” في العراق بحلول نهاية العام.
بالإضافة الى المشاكل الأمنية، يعاني العراق من أزمة سياسية واقتصادية جعلت نسبة الفقر تصل الى أربعين في المئة من السكان البالغ عددهم أربعون مليونا.

ويشكو المسيحيون خصوصاً من تمييز وعدم الحصول على مساعدة من الحكومة لاستعادة منازل لهم وممتلكات صودرت خلال النزاع على أيدي مجموعات مسلحة نافذة.

فيما يلوح انتهاء “المهمة القتالية” للولايات المتحدة في الأفق مع تحوّل وجود العسكريين الأميركيين إلى عملية استشارية فقط بحلول نهاية العام، لا تزال بغداد تواجه عدداً من التحديات الأمنية.

ويمتلك تنظيم الدولة الاسلامية حتى الآن القدرة على شنّ هجمات ولو بشكل محدود رغم مرور أربع سنوات على هزيمته، عبر خلايا لا تزال منتشرة في مناطق نائية وصحراوية، كالهجوم الذي أودى بحياة ثلاثين شخصاً في حي مدينة الصدر الشيعي في العاصمة الشهر الماضي.
في اربيل، سيذكر ماكرون سلطات كردستان العراق بـ”قوة دعم فرنسا في مكافحة الإرهاب”، كما سيلتقي بالزعيم الكردي مسعود بارزاني لتكريم المقاتلين الأكراد (البيشمركة). وسيلتقي كذلك عائلة أحد هؤلاء المقاتلين قتل على يد تنظيم الدولة الاسلامية.
ويضم وفد الرئيس الفرنسي الحائزة جائزة نوبل للسلام نادية مراد، إحدى السبايا السابقات لتنظيم الدولة الإسلامية والتي تعرض الآن قضية الأيزيديات على المنابر الدولية، والكاتبة والناشطة النسوية كارولين فورست.
ويقطن الإيزيديون وهم أقلية ناطقة بالكردية في مناطق في شمال العراق وسوريا، ويعتنقون ديانة توحيدية. وقد تعرضوا منذ قرون للاضطهاد على أيدي متطرّفين يتّهمون أتباع هذه الديانة بأنّهم من “عبدة الشيطان”.
عندما سيطر تنظيم الدولة الإسلامية على الموصل ومحيطها اجتاح الجهاديون منطقة جبل سنجار، وقتلوا الآلاف من أبناء هذه الأقلية وسبوا نساءها وأطفالها.
ووفقاً للأمم المتّحدة اختطف الجهاديون آلاف النساء والمراهقات الأيزيديات اللواتي تعرّضن لفظائع مروّعة، مثل الاغتصاب والضرب والتعذيب والاستعباد وما إلى ذلك من صنوف المعاملة اللاإنسانية.
وبحسب سلطات إقليم كردستان العراق، فقد اختطف الجهاديون أكثر من 6400 أيزيدي وأيزيدية، لم يتمكّن سوى نصفهم من الفرار أو النجاة، في حين لا يزال مصير الباقين مجهولاً.

المصدر:وكالات

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى